يما قورايا « جنة ربانية تزاوج بين زرقة البحر وشموخ الجبال
خلف تلك المدينة ومن كل جانب ترتفع قمم جبال شاهقة مكسوة بالثلج طول فصل
الشتاء، ومكسوة برداء أخضر في باقي أشهر السنة، وإذا دخلت إلى بجاية من
مدينة الجزائر سرت مدة طويلة في سهل الصومام الخصيب الذي تشرف عليه عظمى
قمم جبال الأطلس التلي في كبرياء وفخامة، ومما يلفت انتباهك وأنت تعبر هذا
السهل حقول الزيتون التي تمتد على مدى البصر والتي تتخللها بساتين لإنتاج
شتى أنواع الخضر.
وإن ذهبت إليها من مدينة سطيف العالية انحدرت في
اتجاه البحر ومررت على سد خراطة ذي المياه العميقة الخضراء وأما إذا جئتها
من مدينة جيجل عبرت إليها من أجمل وأشهر طريق محفور في سفح يطل على البحر.
وقد
تغري السائح تلك المناظر الجميلة فيمضي إلى تسلق جبل «قورايا» ويدخل
القلعة وهي حصن قائم على أساسات بناها الأسبان خلال القرن السادس عشر،
ويتربع على موقع إستراتيجي كبير وجذاب.
وأهم ما يميز مدينة بجاية قمة
«يما قورايا» التي تقع على ارتفاع 67 م والتي لا تزال متحدية رغم كل ما مرت
به من تغيرات وتأثيرات كانت من الممكن أن تكون سببا في إزالتها من خريطة
بجاية، والمعروف عن» يما قورايا» أنها امرأة تترواح حكاياتها بين الواقع
والأسطورة، وقد ذاع صيتها في الجزائر ككل.
كما تعرف قمة «يما قورايا»
باستقطاب العديد من الزوار سواء في فصل الصيف أو في فصل الشتاء الذي يتميز
ببرودة قاسية وذلك من أجل ملامسة «قورايا» الأسطورة التي وصفت من قبل البعض
بالمرأة الصالحة العابدة.وقيل عنها أنها محاربة شجاعة ثارت ضد الذل والقهر
ومن بين كل هذه الأوصاف أطلق عليها لقب «حارسة المدينة» وأثبتت بعض
الإحصائيات أنها أكثر المناطق استقطابا في الجزائر، كما يذهب البعض إلى أن
علاقة «يما قورايا» مع أهل بجاية لا تعدو أن تكون علاقة والي صالح بأهالي
المنطقة كما هو الحال في سائر المدن الأخرى التي لا تزال متمسكة بأوليائها
مثل سيدي بومدين بتلمسان وسيدي الهواري بوهران وسيدي عبد الرحمن بالجزائر.
«يما قورايا»... حارسة اللؤلؤة بجاية
الشيء
المثير للجدل والدهشة هو منظر الجبل عن بعد، حيث يستطيع الزائر أن يفسر
صورة امرأة تستلقي على الجبل وتمد أرجلها، لتزيد هذه الصورة من الرابطة
القوية بينها وبين بجاية وسكانها، لتغدو عنوانا لفنانين تغنوا بقمتها « يما
قورايا يالولية جعلت البركة.. و»قورايا أتعساست نبجاية» والتي أصبحت محجا
للزوار، الذين يأتون من كل مكان في العالم، للتبرك بضريحها.
وتعد « يما
قورايا « من أجمل المواقع السياحية لبجاية إذ تتوفر على محمية طبيعية مطلة
على البحر الأبيض المتوسط، مليئة بالشواطئ الخلابة والجبال الخضراء
الواسعة والكثيفة تستقبل الاف الزوار يوميا خصوصا خلال الصيف وقد صنفتها
اليونيسكو محمية طبيعية عالمية سنة 2004. تنقسم المحمية إلى ثلاث مناطق،
على رأسها كاب كاربون ذو المرتفعات الصخرية الذي يمثل ديكورا منحوتا يطل
على زرقة البحر، ومنارته التي تعتبر من أكبر منارات العالم، بالإضافة إلى
تمتع الزائرين لرأس كاربون بمداعبة القردة التي تجلب إليها الاهتمام
بلقطاتها البهلوانية، وكأنها في عرض مسرحي، تنهيه دوما بمطالبة الحضور
بالمقابل من مأكولاتها المفضلة الموز.
وتعد يما قورايا من أهم مناطق
عبور الدخول إلى مدينة بجاية السياحية سيما في فترة الصيف، هذه القمة التي
طالما يسمع عنها أبناء المنطقة حكايات وقصصا هي أقرب منها للخيال، قمة لها
رابطة قوية بينها وبين بجاية السياحية، وغدت عنوانا لفنانين تغنوا بها «يما
قورايا»... حارسة بجاية.
وفي جولة لنا بالمنطقة سألنا بعض المواطنين عن
حقيقة أسطورة هذه المرأة التي لطالما حيرت التاريخ، فكل كانت له
اجابته.يقول عمي محند 70 سنة يقيم بالمنطقة أن يما قورايا امرأة حسناء
البهية منحت خاصيتها واسمها بالسر للصخور المحيطة بها..»، ويضيف شريف والذي
يعتبر من مشايخ المنطقة يقول مشايخ المنطقة أن يما قورايا هي فتاة طاهرة
أراد والدها تزويجها من رجل لا تحبه يعرف بإسم تيشي، فتذرعت هذه الفتاة إلى
الله داعية إياه أن ينجيها من هذا الزواج، حيث تمكنت من الفرار والاستقرار
بقمة جبل قورايا، ومنذ ذلك الحين أصبحت مزارا للمرضى وللفتيات اللائي
فاتهن قطار الزواج وتقول الأساطير أنه يوجد ببناية هذا المعلم التاريخي
صخرة يجب تقبيلها من طرف كل زائر وإلا حدث له مكروه.
لتضيف أحد النسوة
التي أتت رفقة يناتها قصد التبرك بيما قورايا « نحن نقيم هنا منذ أكثر من
20 سنة وتعرف المنطقة توافد العديد من العائلات عليها سواء في فصل الصيف أو
في الشتاء رغم البرودة قاسية، ومع ذلك هناك من يتكبد مشقة السير على
الأقدام عبر مسالك وعرة من أجل ملامسة قورايا والتبرك بها.» وعند سؤالها عن
الأسطورة قالت « هناك من وصفها بالمرأة الصالحة العابدة، وقال آخرون إنها
محاربة شجاعة ثارت ضد الذل والقهر، وبين كل هذه الأوصاف أطلقوا عليها لقب
«حارسة المدينة».أما السيدة خديجة فأكدت أن الجدل لا يزال قائما حول حقيقة
أمر يما قورايا إذ تتراوح الاقوال بين المجاهدة المسلمة التي رفعت راية
الإسلام، إلى الملكة الإسبانية التي فضلت الموت ببجاية على الرحيل عنها،
بدليل شكل المرأة النائمة الذي أخذه الجبل الذي يحمل اسمها.وأهم ما يلفت
النظر حين زيارة مقام « يما قورايا»، هو غياب القبة المألوفة الموجودة في
جميع أضرحة الأولياء الصالحين، كما أنه لا يوجد ضريح بالقبة أو قبر لامرأة
قورايا، وبالرغم من هذا لا يزال الكثيرون يتوافدون على الجبل، للوصول إلى
ساحة المقام المفترشة بزراب وحصائر يتقدم بها الزائرون في شكل هبة للمقام،
والمدهش في حكاية يما قورايا أنه إلى يومنا لم يجد.ومن أطرف ما يحدث بهذا
المقام حاليا الزردات التي يمولها مسؤول محلي سابق وهو من أثرياء المدينة
وتتخلل هذه الوعدات قرع الطبول من طرف فرق الزرنة، ناهيك عن اجبارية ذبح
الثيران ودعوة الأهل والخلان في أجواء من البهجة.
يمّا قورايا: المرأة الأسطورية الصالحة التي تتربع على عرش بجاية
يمّا
قورايا إحدى القمم الشامخة التي تحرس حظيرة عاصمة الحماديين ببجاية، بل هي
امرأة تتربع على عرش التاريخ كما أنها حكاية وأسطورة إلى درجة أنها حاربت
في وقت بعيد العدو الصليبي المسيحي.
ليس من السهل الوصول إلى قمة ڤورايا لصعوبة التضاريس التي تتوسط المسالك المؤدية إليها حب ورغبة المواطنين في لمس حس هذه الأسطورة.
يقصد
جبل يمّا قورايا حشود من الزوّار الشغوفين بها من مختلف ربوع الوطن شتاء
وصيفا، إذ لا تمنعهم برودة طبيعته ولا شدة حرارته التي تتجاوز درجة الـ40
تحت الظل من المحج إليه، بل هناك الآلاف من الزوار من يغامر بنفسه ويتحمّل
مشقة السفر سيرا على الأقدام، وهم يخترقون المسالك الوعرة الضيقة للوصول
إلى قمة قورايا الأسطورية التي وصفها البعض بأنها وليّة صالحة يقصدها الناس
للتبرك بها، في حين اعتبرها آخرون بمثابة محاربة شجاعة تصدّت للجيوش
الصليبية بشجاعتها، فهي التي حاربت الفقر والقهر والذل.
كما أطلق عليها
فيما بعد لقب حارسة المدينة لتجربتها في مواجهة تمرد الجيوش المتسلطة.
زيارتنا لقمة يمّا قورايا تختلف بكثير عن مقامات الأولياء الصالحين الآخرين
على غرار سيدي بومدين في تلمسان، سيدي الهواري في وهران وسيدي عبد الرحمن
في العاصمة، كما أنه لا يوجد قبر أو ضريح لامرأة تلقب بقورايا، إلا أنه
بالرغم من ذلك ما يزال يتوافد المئات بل الآلاف من السيّاح على المنطقة
لزيارة المرأة التي تحرص بجاية من أعلى الجبل، حيث تعمّ أرضها بالزرابي
المفروشة وحصائر يتبرع بها المحسنون على شكل هبة والتي توضع في خدمة
الزوار. وكانت العديد من الدراسات قد اختصرت مفهومها على أن قورايا امرأة
جسّدت وجودها في رمز الشجاعة عندما واجهت حملات شرسة من طرف الجيوش
الصليبية المسيحية، وما عدا ذلك فإن ذكرها في مقامات أخرى قليل إلى درجة أن
حكاياتها وقصصها أقرب إلى الخيال. كما يقول الكثير من المؤرخين إنها امرأة
حسناء بهية الطلعة بل هي ذلك الجسد الذي يمثل امرأة أطلق عليها يمّا
قورايا وهبت حياتها للصخور الصامدة، لها رابطة قوية بينها وبين بجاية،
وأصبحت فيما بعد ملهما للفنانين تغنوا بقمة قورايا حارسة بجاية ليبقى بذلك
اسمها منقوشا بين الأجيال عبر ربوع الوطن.
عمر عليون
نقلا عن موقع يومية المحور الجزائرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق